حديث الجمعة … مقال بقلم علي الشافعي
حديث الجمعة بقلم علي الشافعي
مدينة في الذاكرة. مقالة
جنين يا رمز الكرامة
جنبن. وما ادراك ما جنين ؟ قلعة الصمود وخط الدفاع الاول ضد المحتل . تقع في اقصى شمال الضفة الفلسطينية وتطل على سهل مرج ابن عامر الخصب، الذي احتلته اسرائيل عام 1948, والمدينة نفسها كادت تقع في براثن قوات الاحتلال لولا ثلة من شرفاء الجيش العراقي البطل , الذين قدر لهم التواجد على ارضها، فتمردوا على قادتهم ورفضوا الانسحاب من المدينة , وظلوا يقاتلون حتى وقعت الهدنة ونجت المدينة . ولعل مقبرة الشهداء على مدخل المدينة خير شاهد على تلك البطولات,
مازالت لجنين مع الاحتلال وقفات سطرت وتسطر فيها صفحات مشرقة في تاريخ النضال الفلسطيني , ولقنت جيش الاحتلال ابان انتفاضة الاقصى المباركة درسا قاسيا , وخاصة مخيمها الذي قض مضجع شارون.
تعد جنين من اقدم المدن التي لا تزال مأهولة حتى اليوم , يرجع تاريخ المدينة الى عهد الكنعانيين حوالي 1400 قبل الميلاد , وعرفت في عهد الرومان باسم جناي أي (المدينة النشطة) ولعل اسمها الحالي تحور من هذه التسمية فهي فعلا مدينة نشطة بزراعتها وعمرانها وصناعتها المعتمدة على الزراعة وتجارتها . تشهد المدينة كسائر مدن الضفة نهضة عمرانية كثيفة , وكأنها في سباق مع الزمن . وتمتاز المباني بالحجر الابيض الشهير وهو من اجود حجارة فلسطين اعني حجر قباطية . فعلى امتداد حوالي كيلومترين في مدخل المدينة مناشير الحجر بألوانه الزاهية : الابيض والاحمر والمعرق . تدخل بعد ذلك الى مدينة وادعة فيها سوق شعيي ما زال محافظا على الاصالة والتراث بجانب المدنية , مكنسة القش المشهورة في التراث بجوار المكانس الكهربائية .
ولا بد لمن يزور المدينة ان يعرج على مسجدها الكبير , ولبنائه قصة حيث بني الجامع مع المدرسة الملاصقة له عام 1566بامر من السيدة فاطمة خاتون , وهي بنت محمد الأشرف حفيدة (قانصو الغوري) احد سلاطين المماليك . وفاطمة خاتون هي زوجة القائد البوسنيّ (لالا مصطفى باشا) ، وإقليم البوسنة فتحة المسلمون سنة 1463 للميلاد . مرت السيدة فاطمة خاتون من بلدة جنين في رحلتها التاريخية الى لبنان وسوريا مروراً بفلسطين ، فقررت أن تنشئ مسجداً، ليكون منارة للعلم والإيمان ، ويجد فيه الفقير والمسكين وابن السبيل طعامه ومأواه ، فأقيم على اثار مسجد إسلامي صغير بني غداة الفتح الإسلامي للمدينة سنة 15هـ الموافق 636 للميلاد،ويعد المسجد الان من أبرز المعالم التاريخية في الحضارة الإسلامية والتحف المعمارية العثمانية في فلسطين .
تشتهر جنين بهوائها وتربتها الحمراء وزيتونها الرومي وزاعاتها البعلية، خاصة ببطيخها الشهير ببذرته البيضاء المكحولة ، التي كانت تعد للتسلي في ليالي الشتاء مع الكانون ورائحة القهوة، وكذلك الشمام والفقوس.
هذه هي جنين ملحمة البطولة والفداء , تشتم فيها عبق شهداء الحرية من كل جانب , فلك المجد يا ام الاحرار . طابت اوقاتكم