الحكاية فيها إن… مقال بقلم – ياسر مكي

.
الحكاية فيها إن
مقال بقلم – ياسر مكي
الأمثال الشعبية رفيقة الإنسان مرتبطة به ارتباطآ وثيقآ دائمآ تكون بجانبه في المواقف التي يتعرض لها في حياته بأحداثها المختلفة تصورها وتصفها وصفآ دقيقآ لتكون أمامنا مرآة للحكمة وطريقآ نلتجىء إليه لنأخذمنه العظةوالنصح والإرشاد ورغم التطور الذي طال كل شيء في حياتنا وغير مفاهيمها وقلب موازينها إلا أن الأمثال الشعبية ما زالت كما هي لم يطالها التغير أو التطور فأصبحت ملازمة للإنسان ولصيقة به وهي ذاتها تلك الأمثال التي استخدمها الأجداد والآباء منذ ألآف السنين وكان من ذكاء العرب وفطنتهم وسرعة بديهتهم أن يفهموا ما بين السطور وخبايا الألفاظ وغموضها ومعالم التورية فيها ولأن لكل مثل حكاية فإن المثل الشعبي المعروف الحكاية فيها إن له أصل وحكاية ترجع إلى فترة حكم الملك محمود بن مرداس ملك حلب في ذلك الوقت والذي كان لديه أمير ذكي شحاع يسمى علي بن منقذ وعلى إثر خلاف شديد في الرأي بينهما عقد الملك النية على التخلص من الأمير بقتله وفطن الأمير إلى نية الملك فهرب من حاب إلى دمشق وبعد فترة طلب الملك من كاتبه الخاص أن يكتب رسالة للأمير يبلغه فيها يعفو الملك عنه ويطالبه وكانت علاقة الأمير الهارب بالكاتب قوية وطيدة ولما علم الكاتب بسوء نية الملك تجاه صديقه أراد أن يحذر الهارب ولعلمه بفطنة الأمير وذكاءه كتب في نهاية رسالته إن شاء الله تعالى بتشديد النون وعند قراءة الأمير للرسالة تعجب من خطأ صديقه الكاتب وتشديد النون وهي غير مشددة في الأصل ولأنه يعرف الكاتب حق المعرفة ويعلم مهارته اللغوية وخبرته القوية في اللغة العربية أدرك أنه يحذره من شيء ما وحضر في ذهنه قول الله تعالى ( إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ) بعدها بعث الأمير برسالة للملك يشكره فيها على دعوته له بالعودة وعفوه عنه وختم رسالته بقوله ( أنا الخادم المقر بالانعام ) بتشديد النون ولما قرأها الكاتب فطن إلى أن صديقه يبلغه أن قد تنبه لتحذيره الباطن الخفي الذكي وأطمئن أن الأمير لن يعود إلى حلب طالما هذا الملك الغادر يحكمها ومن هذة الواقعة صار جيل بعد جيل عندما يساورهم الشك في موضوع ما أويشعرون أن الغموض يحيط به يقولون ( الحكاية فيها إن )
.
بقلم – ياسر مكي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.