قراءة نقدية في ديوان أسرار الحال للشاعرة سعاد أزهراوي للدكتور أنس أمين
قراءة نقدية في ديوان أسرار الحال للشاعرة سعاد أزهراوي
خرقت الزجالة سعاد أزهراوي لغة النص عدولا عن المتداول الشعري، مستلهمة معجما لغويا لا يحمل الغرابة فيعتاص ولا تودي به الليونة فيصير ذا فهاهة تعبيرية، ما جعل لغة الشاعرة تتمحرق بين الإدلاء والإيحاء في تأثيثها للمشهد الشعري من خلال الاشتغال على الكائنات اللغوية لتمد بساط المعاني من نوويات دلالية متجدرة من نواة تعتبر قيمة معجمية دلالية مهيمنة في (أسرار الحال).
وعليه جنحت الشاعرة إلى تشكيل عمارتها اللغوية على خطوط التماس بين الكتابة والمتخيل في قولها الزجلي الذي يحتوي عندها بعدا وجوديا على صلة لا تنقطع بكوامن الذات المتشظية والمنكتبة ألما وفرحا وجوديين إن ديوان (أسرار الحال) عبارة عن زجل ينسحب على متواليات من الإيقاعات النفسية المترنحة وفق تدفق صوتي صادق وصارخ، تعلن من خلاله الذات الشاعرة انتماءها إلى عالم مثالي شفيف ينتعل الواقع الأخلاقي والاجتماعي المتخشب والمتكلس بتناقضاته الفنية وقيمه المبتذلة التي تتيه في تشفيرها الذات المتشظية التي تنهد إلى إبلاغ معاناتها إلى أكبر عدد ممكن من المتلقين.
فسياحة في ديوان (أسرار الحال) نلفي القصيدة عند الشاعرة سعاد أزهراوي عبارة عن مشاهد نفسية أو قصاصات مثخنة بالقلق الشعري الذي يعتمل اختلاجا في بواطن الشاعرة، ليتضح أن مسير الإيقاع البلاغي نابعا بالدور الفني الأجزل في الخمائل الأدبية للديوان، ذلك ما جعل الشاعرة تعمل على تقريب النص الزجلي من ذوق المتلقي من خلال أويقات اللحظة الشعرية المتناسلة من تناغم العلاقات المتباينة بين عناصر العمل الفني والرؤية الزجلية للشاعرة، مما يعضد التواصل الوجداني والفكري العميقين، ما عضّد سبك جمالية القصيدة الزجلية عند الشاعرة في بناء فنية نصها الزجلي
لذلك فالشاعرة سعاد أزهراوي بحسها المرهف وذوقها الجمالي استطاعت أن تستثمر المنابع الفنية في الدارجة المغربية معتمدة في ذلك على علاقات توفر لعناصر قولها الشعري الانسجام والتآلف، وما دامت التجربة الشعرية عند الشاعرة تجسد الصراع المحموم في الكوامن والبواطن وتمثل للصراع بين الذات والغيريات وتسرع من إيقاع لتقابل بين كينونة الوجود ولواعج المواجد، فليس بدعا أن تستدعي الشاعرة هذا الصراع بطباقاته وتقابلاته في قولها الزجلي ويزداد هذا الإيقاع الوجودي في تجربة سعاد أزهراوي كلما كانت متوترة أو مشتاطة أو متمحرقة بين الحال ومقتضى الحال في سياقات وجدانية محمومة تحيل إلى الصراع الجواني المنفلت من سخونة التعبير باستدعاء المشيئات ومقابلاتها.
الدكتور أنس أمين