وَجع الرّحِيل ومَرَارة الغُربة مقال بقلم – ياسر مكي


عشقنا لأوطاننا ممتد كالبحر لا ينتهي ونحن العرب نفخر بحضارة بلادنا وعظمتها وتاريخها الممتد عبر ألآف السنين حتى أننا نجد أقلامنا تسطر في حبها قليل من كثير والوطن لنا كالأم التي ولدتنا وربتنا وأطعمتنا وسهرت علينا وعملت على راحتنا
لقمة العيش والدراسة وتحسين الوضع والمستوى المادي والوظيفي كلها أسباب وعوامل تدفع الإنسان إلى الرحيل والإغتراب والهجرة بعيدآعن الأهل والولد والوطن وفي سبيل ذلك يدفع المهاجرثمنآ غاليآ للغربة أولها ولده وأهل بيته الذين يفقدون الرقابة والقوامة والحنان فتكون العواقب عليهم وخيمةلايمكن تداركها لفوات الأوان
وهناك من تجبره الظروف السياسيةوالأحداث الدامية في بلاده إلى الرحيل بعيدآ عن موقع الأحداث لفترة قد تطول أو تقصر حتى تهدأ وتستقر الأحداث فيعود بعدها إلى وطنه لكنه يعيش وجعها ويتجرع من ذلها وآلامها
الغربة لا موعد فبها للقاء ولا ميعاد لقيام ولا وقت لحضور لوقوعها أسيرة الظروف تجد المغترب يحمل في دواخله أحاسبس متناقضة من الشوق والحنين والخوف والوحدة ما لا يستطيع وصفه أو البوح به
في الغربة يعيش المرء ويتعامل مع أُناس غير ما تعودهم ويخالط بشرآ على غير شاكلته لتصير غربته كالموت المصغر يأتيه كل يوم ليلاً
وللرحيل والغربةأوجاع لايعلمها إلامن عاشهامعها يفقد المغترب الحديث مع من يحب لأن جسمه حينها يكون في في بلد وروحه في بلد آخر لتصبح حياته كالمبنى الآيل للسقوط أسقفه قديمة لا يدري متى ستنهار على رأسه
وأصعب أنواع الغُربات وأشدها هي غربة الروح لاغربة الجسد فكثير من البشر يعيشون غرباء في أوطانهم مفلسين مفتقدين الأمان فتنموا لديهم فكرة الرحيل والهجرة بالجسد للخلاص من غربة الروح
ولكن في النهاية ومهما كانت الأسباب والظروف يبقى الوطن وطن وأنس مهما زاد فيه الألم وتبقى الغربة كُربة مهما ارتقى فيها السكن
بقلم – ياسر مكي 

عرض أقل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.