الجنس الشعري في لغة العرب.. مقال بقلم عبد الكريم احمد الزيدي

الجنس الشعري
في لغة العرب
………………….. ََ.

في مقالنا الأدبي هذا نتفرد توصيف الشعر العربي بما يسمح لنا المجال ونحاول أن نوظف فيه بايجاز ما سبقنا من وصف لغوي وسمة موسيقية بعذوبة التلحين لجمله الوصفية التي يصاغ على أساسها..
وهو باختصار فن أدبي فطري المولد خضع لمعايير وقياس لحني على أسس موسيقية تتحسس به الأذن على وقع ضربات وزنية تتوالى بانتظام في حركة أحرف مفردة جمله الوصفية ، وعلى هذا فقد عرفه العرب قبل غيرهم في بيئة كان الفضل فيه يعود إلى لغتهم العربية ذات الأحرف والمفردات التي وسعت كل معاني الحس والتوصيف والإشارة والتشبيه وبرعوا فيه بإتقان كل فنونه التعبيرية وهم أصحاب اللسان الفصيح المبين ..

ولكي ندخل في مضمون مقالنا كان لابد من هذا التوصيف دون أن يتداخل مفهوم آخر لهذا الأدب الأصيل قد يضيع علينا خصائص ومميزات كتابته ، نعم أعود لأضيف عليه استحالة المجازفة في التحوير والالتفاف حول أسس بنائه وصياغته بأية ذريعة أو حجة في التجديد والتحديث لأنه خلق وولد لأن يبقى على فطرته ، وكل ما عدا ذلك من المحاولات التي ظهرت في عصرنا الأخير بتسميات ونعوت فهي بعيدة كل البعد عن أي اجتهاد .

ولبيان أصالة وقوة ورصانة ولادته لابد من معرفة انه جاء عربيا خالصا واحتمى بجزالة وخلود وبيان لغته العربية المحفوظة واعتمد كليا على حروف بحورها التي وسعت المعاني والبيان فالمفردة الفعل مثلا يمكن تصريفها إلى فاعل ومفعول وفعال وفعلن ومفعولن وإلى أكثر من هذا فلا تستطيع اي لغة أخرى أن تجاريه بهذا التنوع والثراء ، وطالما دخلنا في سياق التفعيلة فأن علم العروض قد افاض في الشعر العربي وجاد في وصفه وتحليل قياسه حيث نرى مثلا أهم التفعيلات العشرة التي وردت فيه وتحليل مقاطعها باختصار :

فَعُوْلُنْ
فَاعِلٌنْ
مَفَاعِيْلُنْ
مُسْتَفْعِلُنْ
فَاعِلَاتُنْ
مُفَاعَلَتُنْ
مُتَفَاعِلُنْ
فَاعِلَاتُنْ
مَفْعُوْلَاتُ
مُسْتَفْعِلُنْ

1.التفعيلة = فَعُوْلُنْ صورتها= //٥/٥ مقاطعها ( فَعُوْ //٥ وتد مجموع ) (لُنْ /٥ سبب خفيف )

2.التفعيلة = فَاعِلُنْ صورتها= /٥//٥ مقاطعها = فَا /٥ سبب خفيف ) (عِلُنْ //٥ وتد مجموع )

3.التفعيلة = مَفَاعِيْلُنْ صورتها = //٥/٥/٥ مقاطعها = (مَفَا //٥ وتد مجموع ) (عِيْ /٥ سبب خفيف ) ( لُنْ /٥ سبب خفيف )

4.التفعيلة = مُسْتَفْعِلُنْ صورتها = /٥ /٥ //٥ مقاطعها = ( مُسْ /٥ سبب خفيف ) ( تَفْ /٥ سبب خفيف ) ( عِلُنْ //٥ وتد مجموع )

5.التفعيلة = فَاعِلَاتُنْ صورتها = /٥//٥/٥ مقاطعها = ( فَا /٥ سبب خفيف ) (عِلَا //٥ وتد مجموع ) ( تُنْ /٥ سبب خفيف )

6.التفعيلة = مُفَاعَلَتُنْ صورتها = //٥///٥ مقاطعها = ( مُفَا //٥ وتد مجموع ) ( عَلَتُنْ ///٥ فاصلة صغرى )

7.التفعيلة = مُتَفَاعِلُنْ صورتها = ///٥//٥ مقاطعها = ( مُتَفَا ///٥ فاصلة صغرى ) ( عِلُنْ //٥ وتد مجموع )

8.التفعيلة = فَاعِ لَاتُنْ صورتها = /٥/ /٥/٥ مقاطعها = ( فَاعِ /٥/ وتد مفروق ) ( لَا /٥ سبب خفيف ) ( تُنْ /٥ سبب خفيف )

9.التفعيلة = مَفْعُوْلَاتُ صورتها = /٥/٥/٥/ مقاطعها = ( مَفْ /٥ سبب خفيف ) ( عُوْ /٥ سبب خفيف ) ( لَاتُ /٥/ = وتد مفروق )

10.مُسْتَفْعِ لُنْ = صورتها = /٥/٥/ /٥ مقاطعها = ( مُسْ /٥ سبب خفيف ) ( تَفْعِ /٥/ وتد مفروق ) ( لُنْ /٥ سبب خفيف )

هذه التفعيلات التي وردت آنفا هي البناء الخاص لكل بحور الشعر العربي تقريبا والتي على أساس تنظيم صياغتها في الجملة الشعرية نخلق منها ما يسمى بالبيت الشعري وفقا لتعريف كل بحر شعري بثوابت تفعيلاته عن الآخر والتمسك بتوحيد الحرف الأخير من شطر البيت الشعري بما يعرف بحرف الروي والذي بتوحيده في البيت الشعري تبنى قافية النص الشعري ، وعلى هذا الأساس يتكامل بناء الشعر العربي ويأخذ عنوانا ادبيا ثابتا لايقبل خلافه اي اجتهاد أو تحوير ..فأين من هذا البناء نجده في سواه من أجناس الأدب العربي ؟!!

وعلى العموم فإن من يستهويه الشعر إنما عليه التعامل في حدود هذه الأسس بعد استحضار مفاتيح أدوات بنائه الكامل ومنها الفكرة والحدث وترتيبها واعتماد الحس والتوصيف بالإشارة والتشبيه واستعارة الرموز وما يقرب للقارئ الحدث ومعانيه ويصنع من خيال الشاعر وحالة تعامله مع الحس والاستشعار بالحدث وترتيبه عالما من الإيحاء والتصور والمحاكاة..

لأجل هذا لابد أن نتوقف بحزم على الاسم والتوصيف
ولا نقبل فيه الطمس والطلس وان لا نجامل ونحابي في تلويث هويته بما يعرف بالتحديث والتجديد وإطلاق نعوت التفعيلة والحر على جنس أدبي بعيدا كل البعد عن الشعر العربي ونحاول اقحامه تحت عناوين القصيدة النثرية أو النثر الشعري الذي يبرره من لا يعرف بالشعر على أنه يترك للكاتب بلا حدود أو معنىً مساحة حسية وغورا أعمق في التعبير و التوصيف لا يبقى على شواطئ الخيال والإفصاح بالشعر فهذا له أصوله وأحكامه وما عداه يأخذ جنسا أو نعتا آخر لا علاقة به بالشعر العربي الأصيل ..

وأخيرا وقبل الخاتمة اريد ايصال رسالتي التي أضع فيها كل الأدباء وأصحاب العمل الأدبي في تساؤل استفهام عن ما نجده الان في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي من نشر لا يخضع لرقابة أو تقييم وان نضع الأمور في موازينها فأين الشعر العربي وأصوله ومقاييس صياغته وخلقه من ما أفسد عليه وتقمص ثوبه بلا وزن أو معيار أو شكل ، ونازع بلا استحياء ليضع له عنوانا لايمت لجنس الشعر من قرب أو بعد اية علاقة ..

اتمنى ان اكون قد وفقت في إيجاز ما حاولت أن اوصله إلى ادبائنا والسادة المهتمين بالأدب والشعر وهذه إنما رؤية شمولية لقضية لابد من وضعها على طاولة النقد والتعبير ومن الله التوفيق…

………………………………………………………………
عبد الكريم احمد الزيدي
العراق /بغداد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.