اثنا عشر عاماً.. قصه بقلم عبد الرحمن المبارك

قصة.. اثنا عشر عاماً
إنها ليلة الرابع عشر من تشرين الثاني عام 2022 كانت تتأبط ذراع زوجها عندما لمحت في إحدى صفحات الجريدة الورقية أنه عاد من السفر الذي تركها لأجله على أمل أن يصبح طبيباً مشهوراً وكانت قد وعدته بالانتظار لكن قيود العرف والتقاليد قد أحاطت بعنقها وكبلت قراراتها واختياراتها وصبت الأسيد الحارق ليكوي قلبها ونبضه الذي ما انطفاً عبر سنوات غيابه الخمس، كانت عنقها قد تحملقت تود فقط لو تلمحه بشكل جيد لتزيل الغباش عن عقلها ويتأكد سمعها وبصرها بأنه هو وليس أحلام يقظة لكن يداً جرتها بقوة قائلة ما بالك هل أوقعت شيئاً وتنظرين إليه في الخلف؟! أكملت قدماها المسير لكن قلبها وعقلها بقيا جامدين في ذلك المكان ينتظران بلهف أن تنقضي الساعات المتثاقلة الكسلى.. هاهو الزوج يهم بالخروج وكل ما فيها يستعجله وكأنها تقول ألم تتأخر عن عملك أيها البليد …هيا حلق وامض بسرعة ودعني أضع ما أجد من ثياب فوق جسدي الذي بات ليله كأنه في زنزانة انفرادية وانطلقت مسرعة لنفس المطعم الذي رأت فيه الجريدة ملقاة على الأرض ولكن أين هي؟ لربما قذفتها الرياح بعيداً كما قذفته عني طيلة هذه السنين، لكن قد تكون بالقرب ولم تبتعد كثيراً إن لم يتلفح بها الفقراء من يسكنون الأرصفة ويبتهلون أن تمطر السماء خبزاً ، ربما في هذا الركن المنزوي الذي تتجمع فيه الأكياس والأوراق ، أخذت تبحث جاهدة وتخشى أن تراها العيون ويحسبونها من المتسولات اللاتي ينبشن القمامة بحثاً عن أمل ضائع أو كنز مفقود… ها هي لقد وجدتها …أخذت تقلب بسرعة الصفحات بحثاً عن صورته التي ما فارقت مخيلتها ..نعم إنه هو …آه يا حبي القديم …يا عشقي الأزلي …يا نبض الروح ومعتلج الذات وصراع نفسي ، كنت أعرف أنك ستعود يوماً ما ، لم يفت الأوان بعد ، ماذا تنتظرين هيا اتصلي به يا حمقاء ، رد المجيب الآلي إن الهاتف المطلوب خارج نطاق التغطية، ربما كان بمكان بعيد لا توجد فيه أبراج أو ربما كان مشغولاً بإحدى العمليات فهو طبيب ماهر قد اختص بجراحة القلوب لكن هل تراه يستطيع شفاء الجرح الذي خلّفه في قلبي …عادت أدراجها وهي تقبل صورته على الجريدة وقلبها يكاد يقفز من صدرها …وأخيراً عاد …أجل سأراه وأخبره أنني لا زلت بانتظاره وأننا ….لكن مهلاً …قفز لخاطرها ذلك الهاجس المخيف الذي لطالما تربص باللحظات الجميلة كي يدمرها …وبهدوء أدارت طرفها نحو تاريخ الإصدار لتجد أنه الرابع عشر من تشرين الثاني لعام 2010

عبد الرحمن المبارك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.